( التسقيطُ السياسي للإنتخاباتِ بدأ مُبَكِراً )
أغلَبُ العراقيين خاصةً ما بعد عام ٢٠٠٣ أصبحوا مُحَلِلين سياسيين ولَدَيهِمُ الخبرة في توَقُع الأحداث قبل وقوعها ولانُنكِر إنَّ العديد من الشعبُ العراقي في بداية العمليةُ السياسية إنخدعوا في إختيارِ الكثيرين أثناءَ الإنتخابات ، والجميعُ يُقِرُ بسوء الإختيار حينها بسبب خِداعهم من قبل تلك الأحزاب ولأسبابٌ عديدة منها كانت الطائفيةُ والقوميةُ والعشائرية لها دوراً كبير في التأثير على عقلية الناخب ، وصبر أبناء الشعب عليهم لسنواتٍ عديدة عسى ولعَلَّ يصحى من تَبَوَّءُوا المناصب لكي يخدموا البلد كما كانوا يقولونَ لهم أثناء الحملاتُ الإنتخابية ، لكن شَعَرَ الناخبون إنَّ الوضع يسوء يوماً بعد اخر أكثر من الذي سَبَقه وسنةً بعد أُخرى . نتيجةً لتعَّدُد القنواتُ الفضائية والتي تظهَرُ عليها تصريحات الطبقة السياسية ُالحاكمة ومقارنةُ تلكَ التصريحات بالأفعال لايوجد أيُ وجهُ تشابه بينَ القولِ والفِعل حينها أدرَكَ الكثيرون الخطأ الذي إرتكبوه نتيجةُ إنتخاب أغلبية تلكَ الطبقة وبدؤوا يلومونَ أنفُسهم لأنهم لم يُحسِنوا الإختيار ، لكن بعد أن أصبح ألأغلبيةُ من هؤلاء يتَحَكَمون بمصيرِ البلد ، والسبب هو المالُ السياسي الذي حصلوا عليه من خلال المناصب التي شغلوها . بعد كُلَّ الذي ذُكِر إنتفض الكثيرون على الطبقةُ السياسية من خلالِ المُظاهرات وسقَطَ العديدُ منهم شهداء في ساحاتِ التظاهر ، لكنها لم تُحقِق إلا القليلُ من مطالبهم التي خرجوا من أجلها ، جميعُنا يعلَمُ سابقاً إنَّ التحليلُ السياسي كان يقتَصِرُ على بعض المثقفين وممَّن لديه خلفية حزبية وتَجِدُ الجميعُ يُنصِتونَ إليهم في المجالس ليعرفوا منهم ماذا في قادِمُ الأيام من تغييرات سياسية ، لكن بعد مرور أكثرُ من عشرين عاماً أصبح بإمكانُ أيُ شخصٍ بسيط سواءً كان رجلاً أو إمرأة أو شاباً أن يقرأ الأحداث ويتوقعها والسببُ في ذلك يعود إلى سوء الخدمات في كافة المجالات مما جعلهم يتابعونَ الأحداث لحظةً بلحظة . الجميعُ يعلم ما أن تأتي الإنتخابات إلا وتبدأُ معها عمليةُ التسقيطُ السياسي بين السياسيين أنفسهم والهدفُ من ذلك تقليل أعدادُ مؤيدي سياسيٍ ما ومحاولةُ عدم فوزه في الإنتخابات خاصة إن كانَ ناخبيهم من نفس المنطقة أو المحافظة التي هي مسقطُ رأسهم وتبدأُ المُشاحنات بينهم بحيث كُلُّ من لديه مستمسك يُدِين بهِ مُنافسه يظهِرهُ أو يتكلم به على وسائلُ الإعلام لكي يغيِّر نظرةُ الناخبون المؤيدون له . لايخفى علينا إنَّ للمال دوراً كبيراً في شراء ذِمَمُ العديدُ من الناخبين عن طريق إعطائهم مبلغ مادي بسيط مقابل إنتخاب المرشح الفلاني . لكن هذهِ الإنتخابات التي من المقرر إجراؤها في عام ٢٠٢٥ نرى إن الحملة الإنتخابية بدأت مبكراً خاصةً في محافظة نينوى من خلال الزيارات التي يقوم بها النواب للمواطنين أو مراجعةُ الدوائر لمتابعة القضايا التي تعرقل إكمال معاملاتهم ، والجديدُ هذهِ المرَّة التي تختلفُ عن الكثيرُ من الحملات الإنتخابية السابقة هو بدأُ التسقيطُ السياسي مُبَكِراً وإستخدام أسلوبُ تسقيط مختلفاً عن سابق الأعوام ، ومثلما ذكرتُ كان سياسيُ يُسقِطُ سياسياً من نفس محافظته أو منطقته لكن هذه المرة بدأ التسقيطُ لبعضِ نواب محافظة نينوى من قبل نواب تابعينَ لمحافظاتٍ أُخرى وذلكَ بالتصريح عن قضايا مرَّ عليها سنواتٌ عديدة لكن الآن تم الإفصاحُ عنها سواءً كانت تلك التصريحات صحيحةً أم لا نحنُ لانعلم لكن ؟ لماذا في هذا التوقيت وتصدُر من سياسيين من محافظاتٍ أُخرى ، هل ياترى ؟ إن الخبرة في التسقيط تطورت لديهم حيثُ يقومون بتسقيط بعضهم للبعض من قبل نواب ليس منافسين لهم في الإنتخابات لكن هذا النائب الذي يصرح غايتهُ أن يخَسِر هذا النائب مقعَدهُ وليُصبح لنائب تابع لكُتلتِه التي فيها مرشحين من داخل محافظة نينوى ، أو لأسبابٍ أُخرى قد يكون منها بروز هؤلاء النواب في مناطقهم وخوفاً من أن يتوسع نفوذهم في المستقبل ويصبحوا رؤساء كُتَل تنافس كُتلَهم على المدى البعيد . طبعاً التسقيطُ السياسي يحصلُ بين السياسيين القُدامى لأنَّهم يعرفون سلبياتُ بعضهم البعض . أما المرشح الجديد ليس لديهم عليه أيُ مستمسكٍ لأن لم يدخل في سجالات العمليةِ السياسية ودهاليزها وغُرفها المظلمة والصفقاتُ المشبوهة وغيرها من التفاصيل التي يتطلب على أغلب السياسيين إتباعها إلا ما رحم ربي منهم . إني أتوقع أن تكونَ هذه الإنتخابات صعبةً للغاية بالنسبة للجميع لكثرةُ المرشحين في جميع مناطق المحافظة ، وهذا بدوره يؤدي إلى تشتيت الأصوات . من وجهةُ نظري الشخصية أرى إنَّ هناك بعضاً من نواب المحافظة قدموا الكثير لجمهورهم الذي إنتخبَهم وإنَّهم أفضلُ بكثير من بقيةُ أعضاء مجلس النواب للمحافظات الأُخرى . كما إنَّ قِسماً من المرشحين يعلَمُ عِلمَ اليَقين إنَّهُ لن يفوز لكنهُ يسعى للحصول على بعضُ الأموال التي تُعطى لهُ من قبل القائمة التي يُرشح ضِمنها لغرض الصرف على حملته الإنتخابية ، إلا إنَّهُ لايصرف إلا الجُزءَ اليسير منها وببقيةُ المَبْلَغ يذهب لشراءِ سيارة أو بيت أو قطعةُ أرضٍ ، وبهذه الحالة يعتبرُ نفسه حقَّقَ هدفهُ الشخصي الذي رشح من أجله ويعتبِرُ السياسة تجارة ، ولله دَرُّك ياعراق على هكذا عقول .
الكاتب / محمد عطيه الذهبان