قصة حياتي
بقلم : علي حداد
الكلمة :علينا ان نعيش هذه الحياة ..لتُكتب بعد أن نغادرها ….في ألاقل كقصة قصيرة جدا ..وجميلة جدا….
الأهداء: إلى أول من قص علينا أحسن القصص..أللٌه
اعتادت الناس ان تستيقظ صباحا وتذهب الى ..الحمام ..وتتناول الافطار ..ويذهب كل منهم الى شأن من شؤونه.. وهكذا يمارسون الملذات ..في العمل والاكل والشراب والفراش …ويستمتعون في مشاعرهم ..حب وكره وحقد وشوق وامنيات واحلام وايمان ..هكذا اريد لحياة راكبي سفينة سيدنا نوح .
ثم يأت هادم اللذات ..ألموت..تلك الحقيقة المظلمة ..والمرعبة في آن معا
ولم اك من المهتمين بهذا الشأن مثل ما فعل جدي الكبير كلكامش ..وخلوده ,وهذه مسألة عويصة وشائكة فقد كنت ومازلت واحدا من الفارين إلى البحث عن الحياة ..لذا اعتنقت القص كحل لما يفعله بنا الموت ..ان تبقى قصصنا خالدة رغم أنفه ..
هي رحلة على ان اغوص في اعماقها ربما اخرج بشيء مثلما فعل ابن بطوطة ..وكولومبس ..ثم قادني التفكير الى شاطيء بسطاء الناس وكيف
استخرج من حياتهم القص الرائع .. فكرت بهذا يوم جمعني السجن الكبير بآلاف من بقايا سفينة نوح .. وحين ادركوا شغلي الشاغل وجدتهم يتوافدون علي مرة خلسة ..ومرة يعلنون عن رغبتهم علنا ..كأن لاشيء مخجل في قصهم ..وحياتهم
_ حداد لماذا لاتكتب قصة حياتي ؟
كان هذا رجل طاعن في السن وكنت قد جلست معه طويلا ..صاحب دكان بسيط في واحدة من قرى محافظة بعقوبة .. وكل قصصه حول المتبضعين منه وهو يجد في شخص يشتري منه ب ثلاثة ارباع الدينار ويترك له الباقي ..ويجر حسرة طويلة ..كأن عائلته قد دهستها العربة المتجهة الى خانقين .. وهو يضيف وآخر لا يغادر الدكان حتى يسترجع الفلس المتبقي له ..هو يعتقد ان من الكبائر ان يصطحب سيدنا نوح هذا النوع من الركاب وكان الاولى به ان يتركه يغرق مع ابنه الذي راى في الجبل عاصم له .. لكن الله سبحانه اخبره بكارثة ..ان ابنه نغل ..
انه ليس من اهلك ..!
وآخر راح يكشف لي عن آثار التعذيب في جسده ..ويشير الى انه واحد من المعـذبين في الارض ..ومن السجناء من اودع في السجن وهو في عمر الزهور ليس فيه شيء من قصة سوى ذكريات حبه لأبنة الجيران واحلام عريضة وردية قتلها هذا السجن ومنهم من كان حلمه في تسلق جبل إيفرست.. وعلي الجاكي في سباق الخيل وإمتطائه لحصان < محبوبة علي > وحنوش من محافظة النجف وحلمه كمذيع نشرة الاخبار.. وابو هارون وعشقه لفنون الكاراتيه وكنت القاه دائما وهو يتحرك و يطلق صيحاته ..ها ..هو ..ه ي هي ..سنين عجاف قضاها المسكين في الصراخ والزعيق ..وحين مات قبل عشرة أيام من اطلاق السراح الجماعي ..لم يصدر عنه اي صوت او حركة ..مات كأي قديس من القرون الوسطى ..والسجين خميس كان طويلا فخما وبشفاه غليظة همه ان يتخلص من طبيعته الانثوية مارس رياضة الكراتية مع ابو هارون لكنه تركها بسبب صوته الرقيق … وقد انتكس هذا الخميس حين فآجأته الدورة الشهرية وقضت على اخر حلم له في الرجولة ……..
وراح اليقين يقعد عندي أن بسطاء الناس يعتقدون ان الحب هو النبع الذي يشربون منه ويغتسلون ويتطهرون به ..وهو المتعة والاستقرار
والرغبة في الحياة والمودة في المرأة والسعي في التزاوج والبناء ..وبدونه فالحياة خربة يعلوها اصوات البومة والغربان..وبدونه يتساوى الموت والحياة . وحين انتشر خبر اهتمامي بقصص الحب والغرام ,دونت الكثير من الملاحظات حول قصص البعض منهم وقررت نشرها بعد كسر قيودي .. وذات يوم تميز بلؤم برودته وخبث رياحه وضجيج مطره وزخاته الباردة .. تسلق كريم ديوانية الى الطبقة الثالثة من سريري مثل وحش كأنما امسك بي وبالجرم المشهود وانا الوك بأسناني بقية من لحم ابنه.. فلذة كبده ..
_ انا صديقك المُقرب ولم تطلب ان تسمع قصة حياتي أستمعت الى < شعيط ومعيط ولم تستمع الى جرار الخيط > !
كان يمتلك وجه طماطة حمراء بلحية بنية يشوبها شيب مغبر ..وبقايا من دموع البارحة تدور في عينيه بلا معنى ..طردت ماعلق في عيني من نعاس ….خلتني اعيش كابوسا مرعب وانا استرد وعيي بين ضجيج مطر وريح ومواء قطط .. اصوات تضرب جمجمتي وهذه الطماطة تجثم على صدري ولحية بنية مازالت بشيبها..تنغزني برعونة
_ آه كريم ديوانية صديقي لم اكن أعرف أن في حياتك قصة فكل الذي كنت تحدثني عنه ..زبائن يحلقون شعر روؤسهم وينصرفون وامنيتك في ان يضع عبد الحليم حافظ رأسه تحت مشطك ومقصك .. ومقهى نعمان ولعبة اللكو..
_ لا حداد ..لا.. كنت احب جميلة < أم الكيمر > هي إمراة لم يخلق اللٌه معيدية بمثل حسنها وجمال جسدها ,احبها وهي أيضا تحبني
وراح يؤشر عن حجم حبه لها وحين شعر ان يديه لاتكفيان مقدار حبه همس في أذني برقة لم اعهدها فيه من قبل ولا من بعد
_ < بكد الدنية >
_ عجيب لم تخبرني بذلك ,ياقاسي وكيف تأكدت من حبها لك ؟
كانت الطماطة قد شابها لون ازرق وابيض باهت
_ كنا مجموعة شباب نلتقي في مقهى نعمان وجميلة < ام الكيمر >
تجلس امام المقهى وكانت حين تشتهي الشاي تؤشر لي..انتبه حداد ..لي وحدي فأركض لها بأستكان الشاي
_ اهذا دليلك ديوانية ؟
لم يقاطعني بل هجمت علي كل اكوام الطماطة المبقعة بالازرق والابيض
ليأتيني بدليل اخر قاطع يمزق شكوك الكون دليل < بكد الدنية >!
_ وحين تريد أن تدخن تبعثني أنا دون شباب مقهى نعمان لآتيها بعلبة دخان كينت انتبه ..ذات مرة شاب أشر على نفسه فنهته واشرت علي..
ومع شيء من الموسيقى التصويرية لهذا الفلم …………………..تكتمل في اذهاننا صورة العشق الالهي لكريم ديوانية وجميلة المعيدية ..لايمكنني ان اعتب على سيدنا نوح وعلى ضيوفه الناجين من الغرق ..
لكن ما يشفع لنبي مثل سيدنا نوح انه إختار من كل زوجين إثنين …….حدثتكم اليوم عن واحد منهم …. وللحديث عن الثاني…… بقية
15/8/2019عيد الاضحى الخالد
قصة حياتي
مقالات ذات صلة