مجنونان

مجنونان
بيجامته المصنوعة من قماش رث هو وصديقه عبود , عبود كان اكثر جنونا من نعيم يسيران في الطريق الزراعي هروبا من المصح النفسي . عبود يحمل علبة سجائر فارغة وقداحة لن تشتعل لو جاء خبير نووي لاشعالها . بينما نعيم خبأ في جيوبه رغيف خبز وكتاب او رواية لانه شاهد فيلم ” الفراشة ” بطولة ستيف ماكوين ” والهروب من جزيرة لايمكن الهروب منها ” كنقرة السلمان ” الخطوات ثقيلة جدا والطريق لايدل على هدف وعبود ونعيم يسيران . نعيم يتوقف يحاول اكمال رواية الفراشة في ذهنه . وعبود يحاول ان يكون قارىء كف وموعظ كونه لايملك شيئا سوى المبادىء التي لايعرف كيف ان يعيش بها في قساوة اللحظات . هنالك اكثر من سيطرة للسلطة امامهم ولأنهم مجانين لاشيء يدعوهم للخوف , الخوف شيء ثانوي , اما الحياة والنوم على فراش دافىء وأكلة من احد البيوت البسيطة حتى لو كانت كما اطلق عليها ابناء مدينتي الفقيرة ” وحش الطاوة ” مع خبز اسمر يشبه طعم المسامير المتروكة تحت مطر غامق , كل هذا حدث في ساعات قليلة والمسافة بين المصح ومدينة الثورة لم تبلغ سوى ثلاثة كيلومترات , الملابس العسكرية والبنادق لم تخف عبود ونعيم , وهم يسيران كانا يغنيان ” احنه مشينه للحرب ” رغم انهما لم يحملا بندقية او يطلقا رصاصة, عبود خريج فنون , قسم المسرح , ونعيم خريج اداب فلسفة . كان صوت الرصاص كأنه المطر وهم يسيران ويتراقصان للحرية , طائرة قصفت موقع قريب منهما وهم يغنيان ,الموقع معمل السجاير في منطقة ” الشماعية ” صوت القصف يسمعانه كصوت فيروز وصوت ” ميادة حناوي ” . السماء تشتعل والفجر قارب على النهوض . خف صوت الرصاص وتوقف القصف وكان نعيم وعبود ممددين على الرصيف ولاأحد يعرف من هما .
بقلم الكاتب احمد سلمان

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -spot_img
- Advertisment -spot_img

الأكثر شهرة

احدث التعليقات

جليل الغريب على ليلة ضلمة
شذى عبد على شخصية من بلادي
الفنان الصغير على غداً هو يوم جديد
الفنان الصغير على إذا استعت أن تحسن حياة انسان